الأربعاء، 6 يوليوز 2011

كن ولا تكون

لا تكن يمينيا ولو كان لينين على اليسار
لا تكن مع الوسط فالوسط الوحيد المتبقي في العالم العربي هو ذلك الوسط الذي تحركه هيفاء ذهبي كل مساء في فضاءات الطرب العربي
لا تكن تقدميا ، حتى لا يتزعمك الرجعيون و يتقهقرن بك إلى الخلف ، لا تكن رجعيا حتى لا تسقط الحكومة في حبك
لا تكن ماركسيا فالثورة تأكل أبناءها ومن يبقى منهم على قيد الحياة ينتهي به المطاف وزيرا في حكومة يمينية
لا تكن كاتبا فالكتاب نرجسيون و لديهم عقد كثيرة ليس فقط مع دور النشر بل مع أنفسهم أيضا
لا تكن أستاذا فكثرة الوقوف أمام السبورة تورث الربو و كثرة التركيز في الراتب تقود إلى الترشح للانتخابات
لا تكن مخرجا سينمائيا فالإخراج ينتهي بصاحبه إلى قضاء بقية عمره بعينين خارجتين وراء أموال الدعم
لا تكن ممثلا في الأفلام و المسلسلات الرديئة ، فالممثلون الحقيقيون هم من يوجدون في غرف البرلمان و لهم موهبة بحيث يمثلون على شعب بأكمله
لا تكن يساريا فاليساريون أصبحوا مثل العميان في لوحة " رامبرانت " أو كالرفاق في أغنية عبد الحليم حائرون يتساءلون ويسيرون على غير هدى و يتصادمون فيما بينهم و يتصايحون ثم يسقطون
لا تصبح جنديا فالأرض ليست لأحد ، الأرض لله يورثها لم يشاء
لا تصبح شاعرا فالقصيدة امرأة غير شريفة تنام كل ليلة مع شاعر جديد وما من شاعر شريف أبدا
لا تصبح شجرة، فالعصفور جبان والحطاب أيضا جبان
لا تصبح وردة، فلا لا أحد يحب الورود حقا، وحتى الذين يحبونها يقطعونها بسبب هذا الحب
لا تصبح حاكما،فكثرة الجلوس على كراسي الحكم تصيب بالبواسير، وأعمار الحكام كأعمار التماسيح طويلة جدا
لا تنحن كثيرا حتى لا تتحول إلى قنطرة يعبر فوقها الآخرون ولا تقف كثيرا لكي لا تتحول إلى نصب يتبول عليه السكارى     
لا تنم بعينين مغمضتان كي لا يفوتك أن ترى الأحلام بوضوح ، لا تعش من أجل أحد لأن العمر قصير ولا يتسع لأحد غيرك
لا تصدق نصائح الأطباء حول السكر و الملح و الكولسترول و التبغ لأننا في نهاية المطاف سنموت بسبب الضغط أو بسبب الحسرة
لا تكن صاحب قضية و كن صاحب قاض فهدا أفيد بالنظر للوثيرة التي يحاكمون بها هذه الأيام
لا تكن زعيما لحزب حتى لا تصاب بالعجز الجنسي فأغلب زعماء الأحزاب السياسية ملتصقون بكراسيهم و لا يفكون في "ممارسة" أي شيء أخر غير الزعامة
لا تقاوم من أجل أحد مادام هذا الأخير يقبل الاحتقار، فالمقاومون كلهم قدماء ولديهم مكاتب رثة يعدون فيها الشاي على شرف المقدمين والشيوخ و الخونة القدامى 
لا تضح من أجل أحد إلا إدا كنت متأكدا من الذي تضحي من أجله هل يستح التضحية، فالدين ضحى الجميع من أجلهم اتضح أنهم لا يفكرون إلا في أنفسهم ، و الذين أخلص الجميع في محبتهم اتضح أنهم لا يحبون إلا أنفسهم ، و الذين أوشك الجميع أن يموت من أجلهم 'تضح أنهم غير مستعدين للموت من أجل أحد حتى من أجل أنفسهم لن يموتوا /هؤلاء جبناء/
 كن منضبطا مثل المساء فهو لم يخلف موعده قط ، كريما مثل الغروب الذي يقدم الشمس قربانا كل يوم
كن كتوما مثل الليل الذي يأتي متخفيا في ثيابه السوداء لكي لا فطن لقدومه أحد
كن متواضعا كالنهار الذي يجرد الليل من ثيابه كل صباح بلا ادعاء ولا بطولات
كن وفيا مثل الطيور فهي لا تستبدل شدوها بشيء أخر ، كن مثل الريح دائم التأفف، كن مثل النهر فهو لا يغير مجراه أبدا ، من كالشجرة تموت وهي واقفة ، كن صامتا مثل الوقت فهو يمر خلسة على أطراف أصابعه دون ضجيج، كن وفيا مثل الهاتف فهو لا يخون صاحبه مع هاتف أخر عندما لا يرن
كن مثل الصدفة خيرا من ألف ميعادن كن حجرة عثرة في طرق اللصوص كن مواطنا صالحا لنفسه ، وإذا استطعت فكن صالحا لغيرك

طرف ديال الخبز ...؟

في المغرب الخبز مقدس لأنه يختصر الرزق و العيش ، نقصانه أو عدم وجوده يندر بكارثة حقيقية ، فكلما ضاق الناس من ارتفاع الأسعار تراهم يرددون" طرف الخبز صعيب "
فالخبز في ثقافتنا يحضا احترام كبير فنجد مثلا أن الكثير منا عندما يجد خبزا ملقا على الأرض ، يقبله مرتين و يضعه جانبا،الخبز مقدس لأنه يرمز إلا أيام الخصب و الجذب و تقديسه يصل عندنا إلا درجة القسم باسمه فنقول " وحق هاد النعمة "
الخبز عندنا هو رمز لغوي يختزل المشاركة الاجتماعية و التفاف الناس حول بعضهم البعض و مشاركته مع أي شخص يسير سيفا مسلطا على كل من ينوي الغدر أو الإساءة
اقتسام الخبز أثناء تناول الطعام، تتولد معه عهود الاحترام و العشرة، فيصل اقتسامه عند بعض الناس في معناه اشتراك في القرابة أو الدم. ومن أمثال هذا التقديس نجد أن بعض البدويين و سكان القرى يرفضون ذبح الخراف التي ربوها في منازلهم وأطعموها "الخبز اليابس" لأنهم يجدون صعوبة بالغدر بها و أكل لحومها...
 في الأدب أيضا نجد الخبز حاضرا بقوة فهو يعبر عن كل ما هو صعب المنال ي عسير و قاسي و تجربة محمد شكري في روايته " الخبز الحافي"برهان على هذا من خلال تجسيدها كيفية تحول الفقر و البؤس و الجهل إلى واقع حافي و مر يعيشه المهمشين
و أجمل الرسائل الأدبية التي تتحدث عن الخبز نجدها عند الشاعر محمود درويش في قصيدته " نشيد الخبز و الورد " و التي يقول في مطلعها: أحن إلى خبز أمي ..، إلى قهوة أمي...، إلى لمسة أمي
مجمل القول " قد يكون لديك ما يكفيك من الخبز" " لكن ليس ما يكفي كل الناس "
لنكن أقل أنانية و لنلتفت للمعدمين و لنناضل من أجل المنسين الذين لا حياة ولا حب و لا خبز لهم.....؟؟؟؟